Friday, October 23, 2009

قصة عالمية طويلة للاطفال الاحباء


صاَنِعُ الأَحْلاَمِ


تعَیِْشُ ريِمْ فِي بیَْتٍ واَسِعٍ جَمیِلٍ تُحیِْطُ بِهِ أَشْجاَرٌ عاَلیَِةٌ مِنْ كُلِّ
اتِّجَاهٍ..وَحَديِْقَةٌ جَمیِلَْةٌ مزَرْوُعَةٌ بِالزُّھوُرِ واَلنبَّاَتَاتِ الخَضْراَءِ
المتُنَوِّعَةِ..وفَِي زاَويَِةٍ منِْھاَ ألَْعاَبٌ مُسلَیَِّةٌ.
فِي بیَْتِ ريِمْ ألَْعاَبٌ متَُعَددَِّةٌ الأَشْكاَلِ واَلأَحْجاَمِ..
سیَاَّراَتٌ..طاَئرِاتٌ..عرَاَئِ سٌ تَمْشِي تلَْعَبُ وتَُغنَِّي .. أقَرْاَ صُ حاَسُوبٍ
كثَیرة فیھا ماَ تَشْتَھیِْهِ مِنَ الألَْعَابِ الإلْكترُوُنیَِّة .ِ.وَغیَرُ ذلَِكَ كثَیِرٌ
كثَیِرٌ..
ريِمْ عُمرُْھا عَشرُْ سنِوات.َ.تعَیِشُ مَعْ أُسرْ تَِھا الصغَّیِرْةَِ المُكوَنََّةِ مِنْ
أَبٍ وأَُمٍّ وثَلاثَةِ أُخوَْةٍ أكَبْرَ منِْھاَ..
ريِمْ تَعیِْ شُ مَعْ أُسرْتَِھا سَعیِْدَة .ً. تَقْضِي معُْظَمَ وقَتِْھاَ بعَْدَ المَدرَْسَةِ
فِي البیَْتِ واَلحَديِقَةِ..
مُدرَِّساَتُ ريِمْ يُحبْبِنَْھا لأنََّھا متَُفوَقَِّة وَمتَُمیَزَِّة...
فِي يَوْمٍ طلَبَتْ إِحْدَى المُدرَِّساتِ مِنْ طاَلبِاَتِ فَصْلِ ريم أنْ تتَحَدَّثَ
كُلُّ واَحِدَةٍ منِْھُنَّ عَنْ أَحْلاَمِھا ..فرَِحَتْ الصَّغیِراَتُ بِذلَِك .َ.وتَسَابَقْنَ
لرِوِاَيةِ أَحْلاَمِھِنَّ..
سعُاَد حلَمَتْ بأِنَ ھَّا تُحلَِّقُ فِي الفَضاَءِ ترَْكَبُ السُّفُنَ الفَضاَئیَِّةَ وتَطیِرُْ
باِلھَواَءِ مِنْ نَجْمَةٍ إلَِى نَجْمَة .ٍ.نُورا حلَمَتْ بأِنَّھا صَارَتْ أما وَجَدةًّ
وَعنِْدَھا بنَاَتٌ وأوَْلادٌ وأَحْفاَدٌ...
نِسرين تَحلُْمُ باِلسَّفرَِ واَلتنَّقُّلِ بَیْنَ البِلاَد .ِ..قاَلَتْ إنَِّھَا زاَرَتْ فِي
منَاَمِھَا دوَُلاً كثَیِرة،ً وبعضُھا زاَرتَْھا حَقیِقة،ً مثِْلَ مَكَّةَ واَلمَديِنَْةَ
واَلقاَھرَِةَ..وتَحلَْمُ أَنْ تزَوُرَ باَريِ سْ لتُِشاَھِدَ ديزني لاندْ وبرُْجَ إيِفلْ...
منى تَحلُْمُ أنََّھاَ مِنْ أَصْحاَبِ الملايین .ِ. تَعِیْ شُ فِي قُصُورٍ وتَملُْكُ
سیَاَّراَتٍ لاَ حَصرَْ لَھاَ وَلاَ عَدَدْ..
وَمَضَتْ الطالبِاَتُ يتَساَبَقْنَ فِي الحَديِْثِ حتََّى جاَءَ دوَرُ ريمْ...
قاَلَتْ المُدرَِّسَة :ُنعَمْ ياَ ريم،ْ ھیَّا ..لَمْ يبَْقَ غیَْرُك .ِ. أَخبْرِينا بِمَاذا
تَحلَْمیِنَ؟
لَمْ تتَكلََّمْ ريِم .ْ. احْمرََّ وَجْھُھاَ خَجَلا .ً.قاَلَتْ:لاَ أَعلَْم .ُ. أنََا ... أنََا فِي
الحَقیِقَةِ لاَ أَعرِْفُ ماَ معَنَْى أَحْلامْ؟
استَْغرْبَتْ المُدرَِّسَةُ:ماذا؟؟ غیرُ مَعْقوُلٍ.. أنَْتِ تَمزَْحیِْنَ..
جمیعُ الطالباتِ صِرْنَ ي ضَْحَكْنَ بِسُخرْيَِة :ٍعَجیِب .ٌ. إنِْسَانٌ حَيٌّ لا
يحلمُ..غیرُ معقول .ْ. أَلاَ تَعرْفِیِنَ ماَ ھِيَ الأَحْلاَم؟ُ قاَلَتْ المُدرَِّسَةُ
ذلَِكَ بِدَھْشَةٍ..وَظلََّتْ زَمیِلاتُ ريِمْ يَضْحَكْنَ طوَاَلَ النَّھاَرِ...
عاَدَتْ ريِمْ إلَِى بیَتِْھاَ حزَيِنة .ً. رأَتَْھاَ أُمُّھا .. أَحَسَّتْ بِحزُنِْھاَ .. سَألَتَھاَ :
ماَ بِكِ ياَ حبَیِبتَِي؟
أَخبْرَتَْھا ريِمْ بِمَا حَدَث .َ. أَصَابَ الأُمُّ العَجَب .َ.قاَلَت :ْلاَ تَقلَْقِي يَا
حلُوْتَِي..مُشْكلِتَُكِ بَسیِطَةٌ وَسنَجِدُ لَھا حَلا..
فِي عَصرِْ ذلَِكَ الیوَ مِْ ذَھبََتْ ريِمْ برِفِْقَةِ أُمِّھا إلَِى طبَیِبٍ مَشْھوُرٍ
يُدْعَى صاَنِعُ الأَحْلاَمِ..
روَتْ ريِمْ للِطبَّیِبِ قِصتَّھا..وبَدَتْ طوَاَلَ الوقَْتِ حزَيِنَةً...
قاَلَ الطبَّیِبُ مبَُسِّطاً الأمرَ وَمُخَفِّفاً الألََمَ عَنْ ريِم :ْلاَ تَحزْنَِي يَا
ابنْتَِي.. الأَمرُْ بَسیِطٌ ويَحْدُثُ كثَیِراً..
قاَمَ الطبَّیِبُ علَى الفوَرِْ وأَحْضرَ أدَوْيَِةً عَجیِبةً غرَيِبةً..
صاَرَ يَخلُْطُ بَعْضَھا مَعَ بعَْ ض .ٍ.ھَذِهِ نُقْطَةٌ وتَلِْكَ نُقْطتََان .ِ.وَھاَتیك
ثلاثٌ..
وَضَعَ الطبَّیِبُ الخلَْطَةَ فِي أنُبُْو بٍ زُجَاجِيٍّ شَفاَّفٍ وقََالَ لِريِم :ْ
اسْمَعیِنِي واَنتْبَھِي لِماَ أقَوُل .ُ.ضَعِي ثلاَثَ نِقاَطٍ فِي عیَنِْكِ الیُمنَْى
ونَِقْطتَیَْنِ فِي عیَنِْكِ الیُسْرَى قبَْلَ أَنْ تنََامِي مبُاَشَرَةً وَلاَ تَفتَْحِي
عیَنْیَْكِ حتََّى تَستْیَْقِظِي فِي الصبَّاَ حِ...وَغَداً تَعاَلي لتُِخبْرِيِنِي عَنْ
أَحْلاَمِكِ.. سوَْفَ تأَتِْي الأَحْلاَمُ وتَھْجُمُ علَیَْكِ مثِْلَ خیُوُلٍ مُسرِْعَةٍ...
كاَنَ صاَنِعُ الأَحْلاَمِ متُأَكِّداً مِنْ كَلاَمِهِ وَمُطْمئَنِاً لِماَ يَقوُلُ..
فرَِحَتْ ريِمْ وأَُمُّھاَ وَعاَدتَا إلَِى البیَْتِ سَعیِْدتَیَْنِ بِماَ حَدَثَ...
فِي صبَاَحِ الیوَْمِ التاَّلِي رَنَّ ھاَتِفُ صَانِعُ الأَحْلاَم .ِ..كاَنَتْ ريِمْ ھِيَ
المتَُّصلَِةُ..
أَخبْرَتَْهُ أنََّھاَ لَمْ تَحلُْمْ علَى الإِطْلاَقِ..ولَمْ تَشْعرُْ بأَيِّ تَغیْیِرٍْ..
فَكرَّ الطبیبُ.. ھَذهِ أوََّلُ مرََّةٍ لاَ ينَْفَعُ الدوَّاَءُ..
قاَلَ بَعْدَ تَفْكیِرٍْ: اسْمعَِي ياَ ريمْ.. أَضیفي نِقْطَةً أُخرَْى لِكُلِّ عیَْنٍ...
وفَِي الیوَْمِ التاَّلِي، اتَّصلَتْ ريِمْ لأَنَّ العِلاَجَ لَمْ يؤَُدِّ إلَِى نتَیِجَةٍ..
قَررَّ الطبَّیِبُ تَغییر خلَْطَةِ الدوَّاَءِ..ظَنَّ أَنَّ الدوَّاَءَ فیِهِ خَطَأٌ..كَررَّ
المُحاَولََةَ وأَعَادَ تَصْنیِْعَ الدوَّاَءِ مِنْ جَديِْدٍ وَطلََبَ مِنْ ريِمْ الطلََّبَ
نَفْسَهُ لِكَنَّ التَّجرْبَِةَ كاَنتْ فاَشلَِةً...
أُصیِْبَ الطبیبُ بإِحبْاطٍ شَديِد .ٍ.كیَْف؟َ لاَ يُمْكِنُ؟ جرَبَّْتُ الدوَّاَءَ علََى
نَفْسِي ونَجَح .َ.جرَبَّتُْهُ علَى كثَیِرٍ مِنَ النَّا س .ِ..يَجِبُ أَنْ أكَتَْشِفَ
السرَِّّ.. يَجِبُ أَنْ أَكتَْشِفَ السرَِّّ..
ذَھَبَ الطبَّیِبُ إلَى بیَْتِ ريِم،ْ فاَسْتَقبْلَتَْهُ أُسْرتَُھا جَمیِعا .ً.كلُُّھُمْ
يرُيِدوُنَ اكتِْشاَفَ سرِِّ ريِمْ..
طلَبَ الطبَّیِبُ صَانِعُ الأَحْلاَمِ مِنْ واَلِدِ ريِمْ أَنْ يَسْمَحَ لَهُ بِدِخوُلِ
غرُفْتَِھا..واَلتَّجَوُّلَ فِي أنَْحَاءِ المنَْزِل،ِ لأَنَّ ھنَُاكَ مُشْكلَِةٌ يَجِبُ
اكتِْشاَفُھا..
فتَحَ الطبَّیِبُ غرُفَْةَ ريِم .ْ.وَجَدَ أَجْمَلَ الأثَاَث .ِ.وَجَدَ ثیِاباً راَئِعَةً باَھِظَةَ
الثَّمَنِ..وفَِي كُلِّ زاَويِةٍ مِنْ غرُفْتَِھَا رأَى لُعبَاً متُرَاَكِمَة .ً. أَحَ سَّ
الطبَّیِبُ الَّذِي يَصْنَعُ الأَحْلاَمَ للِنَّا سِ بأِنََّهُ عَاجزٌِ عَنْ صُنْعِ حلُُمٍ
جَديِدٍ..ريِمْ لَديَْھا كُلُّ ماَ ترُيِد .ُ. تَحْصُلُ علََى كُلِّ الأَشْیاَءِ الجَمیِلةِ
الراَّئِعَةِ حتََّى دوُنَ أَنْ تَطلْبَُھا..دوُنَ أَنْ تَحلُْمَ بِھاَ..
فَكرَّ الطبَّیِبُ..ترُى أيَْنَ المُشْكلَِة؟ُ؟؟ لاَ بُدَّ مِنْ مُشْكلَِةٍ؟؟
فَجأَْةً قَفزَ الطبَّیِبُ صاَئِحاً:وَجَدتُْھا..وَجَدتُْھا..
إلِتَْفَّ حوَلَْهُ الجَمیِْعُ..بِصوَْتٍ واَحِدٍ:ماَذاَ..ماَذاَ..ماَذاَ وَجَدْت؟َ
ھزََّ الطبَّیِبُ رأَْسَهُ ولَمْ يتَكلََّم .ْ. ثُمَّ قَالَ موَُجِّھاً كَلاَمَهُ لِريِم :ْغَدا .ً.
غداً..غداً أَعوُدُ وَمعَِي دوَاؤكِ الشافِي بإِذِْنِ اللَّهِ...
فرَِحَتْ ريِمْ..فرَِحَتْ أُسرْتَُھا..ولَمْ تَستَْطِعْ ريِمْ النوَّْمَ تلِْكَ اللیَّلَْة..
فِي صبَاَحِ الیوَْمِ التاَّلِي عاَدَ صاَنَعُ الأَحْلامِ بوِقَْتٍ مبُْكرٍِ يَحْمِلُ كیِساً
كبَیِراً كبَیِراً...ريِمْ شَعرَتْ باِلخیَبَْةِ مَا أَنْ رأَتْ الرَّجُلَ..ظنََّتْ أَنَّ
الطبَّیِبَ أَحْضرَ لَھَا ألَعْاباً جَديِدة .ً. أنََا لا أرُيِدُ ألعابا .ً. أرُيِدُ أَحْلاما .ً.
ضَحِكَ صاَنِعُ الأَحْلامِ:أَعلَْمُ ذلَِكَ..لاَ تَقلَْقِي..
لَمْ ينَتَْظرَِ الرَّجُلُ لَحْظَةً لیَِشْرَح .َ.كَانَ شَوْقُ أ سُْرَةِ ريِمْ أَكبَْرُ مِنَ
الإنِتِْظاَرِ...وَضَعَ الكِیْ سَ عَنْ ظَھْرِه .ِ.فَتَحَ الكِیْ سَ فِي بَھْوِ غرُفَْةِ
الإِستِْقبْاَلِ..وأَخرَْجَ منِْهُ كتُبُاً جَمیِلةً راَئِعَةً ملَیِئةً باِلدَّھْشَةِ واَلروَّْعَةِ
واَلأَحْلامِ..
كاَنَتِ الكتُبُ ھَذهِ مِنْ مَكاَنٍ بَعیِدٍ بعَیِدٍ..
كتُبٌ تتَحَدَّثُ مَعَ بَعْضِھاَ..وتَتَحَدَّثُ مَعَ الناَّ سِ..
كتُبٌ تتَكلََّمُ وتُحاَورُِ وتَفرَْحُ وتَضْحَكُ وتَبَْكِي..وتَتَأَلََّمُ.
أُصیِبَْتْ ريِمْ باِلحزُْنِ...
قاَلَتْ متَُھَكِّمَة :ًكتُبٌ..كتُُب .ٌ.كتُُب .ٌ.. يَا لِھَذِهِ المُفاَجَأةَ ..ظنَنَتُْكَ
ستَأَتْیِنِْيْ بِدوَاَءٍ وأَتَیَتْنَِي بِماَ يُصیِبْنُِي باِلملَلِ..
قاَلَ لَھاَ:انُتَْظرِي واَختْاَرِي واَحِداً مِنَ الكتُبِ..
حَملَتْ ريِمْ أَحَدَھا..
سَمِعَتِ الكتُبَ تتَكلََّمُ ترَُحِّبُ بِھاَ.. ترَقُْ صُ بیَْنَ يَديَْھا...
صاَحَتْ بِدَھْشَةٍ:واَوْ كتُبٌ تتَكلََّمُ وتَتَحرََّكُ..
قَالَ لَھَا:بَلْ أَكثَْرُ مِنْ ذلَِكَ بِكثَیِرٍ... سَوْفَ تَكتَْشِفیِْنَ حَقیِقتَھا
بنَِفْسِكِ..
صاَحتْ ريم : أَشْكرُكَ ياَ عَمِّي العزَيِز .ْ..ھَذاَ فعلاً مَا أفَتَْقِدُ إلِیَْه .ِ.
وأَحتْاَجُهُ.. أَشْكرُكَ مِنْ قلَبِْي..
قاَلَ لَھاَ مؤَُكِّداً كَلامَھا :لَديَْكِ كُلُّ الأَشیْاَءِ الجَمیِلةِ الراَّئعَِة .ِ.لَكنَِّكِ لاَ
تَملُْكیِْنَ مَكتْبَةً مثِْلَ ھَذهِ المَجْموُعَةِ مِنَ الكتُب .ِ. إنَِّھا قِصَ صٌ راَئِعَة .ٌ.
إقِرْئَِي كُلَّ يوَْمٍ قِصَّةً..واَحلُْمِيْ كَماَ تَشاَئیِنَ وبَِماَ تَشاَئیِْنَ..
وَخرَجَ صاَنِعُ الأَحْلاَمِ سعَیِداً باِكتِْشاَفِه .ِ.متُأَكِّداً أنََّهُ اكتَْشَفَ سرَِّ ريمْ
وأَنََّھا ستَحلُْمُ دوُنَ شَكٍّ...
فِي الیَوْمِ التالي ذَھبََتْ ريِمْ إلَِى مَدرَْسَتِھا ر كَْضا .ً. بَحثََتْ عَنْ
مُدرَِّسَتِھا قبَْلَ دُخوُلِھا الفَصْل .َ.قاَلَتْ لَھَا بِفَرَحٍ كبَیِرٍ ظَاھرِ :ٍ
آنِسَتِي.. آنِسَتِي.. أرُيِدُ أَنْ أُخبِْرَكِ عَنْ حلُُمٍ جَمیِلٍ رأَيَتُهُ لیَلَْةَ
أَمْ سٍ..
وَصاَرَتْ ريِمْ تَروِْي للِْمُدرَِّسَةِ ولَزَِمیِلاتِھَا باِلمَدرَْسَةِ عَنْ أَحْلاَمِھَا ..
روَتْ لَھُنَّ أنََّھا حلَُمَتْ بأَِمیِرٍ يعَیِْ شُ فِي مَملَْكَةٍ بَعیِدَة .ٍ.وَكَانَ أبَُوهُ
الملَِكُ يُعِدهُّ لتِوَلَِّي العَرْ شَ مِنْ بعَْدِه،ِ يُدرَبُِّهُ علََى حَمْلِ السَّیْفِ
وقَتَْلِ الناَّ سِ وَظلُْمِ الرَّعیَِّة بلِاَ ذنَْبٍ وَلاَ سبَب،ٍ لَكِنَّ الأَمیِرَْ الصغَّیِرَْ لَمْ
يَكُنْ راَضیِاً عَماَّ يَفْعلَُهُ أبَوُه،ُ فَقرَرَّ الھرَبَ إلَِى مَديِنَْةٍ بعَیِْدةٍَ مِنْ مُدُنِ
المَملَْكَة،ِ وَغیرَّ مَلابَِسَهُ وَشَكلَْهُ وَعاَ شَ بیَْنَ الناَّ سِ واَحِداً منِْھُمْ..
وفَِي المَديِنَةِ عَمِلَ الأَمیِرُ الصَّغیِرُ عَمَلاً بَسیِطاً مرُھقا .ً.ھَمُّهُ خِدْمَةُ
الناَّ سِ ورَفَْ ضِ الظلُّْمِ..
ولَماَّ رأَى صَاحِبُ عَملَِهِ الجَديِدِ إِخلاصَهُ ووَفََاءَهُ وَصِدقَْهُ وإَيِماَنَه،ُ
زوََّجَهُ لابنْتَِهِ الوَحیِدَةِ..وَعاَشاَ بِسعَاَدةٍَ وَھنَاَءٍ..
وفَِي المُقاَبِلِ كَانَ الملَِكُ حزَيِناً علََى فَقْدِ ابنِْهِ الوَحیِْدِ وَعَا شَ
مَھْموُماً كئَیِبا،ً وأَصبَْحَ الرُّعْبُ يُلازِمَهُ لِمَا فعََلَ باِلشَّعْبِ مِنْ ظلُْمٍ
وتَنَْكیِْلٍ...
لَكِنَّ الأَمیِرَ الصَّغیِرَ عنِْدَماَ علَِمَ بِماَ جَرَى لوِاَلِدهِ،ِ عَادَ إلِیَْهِ يوُاَسِیهِ
ويَنَْصَحُهْ بتِرَْكِ الظلُّْمِ وأَنْ يَعْدِلَ بیَْنَ الناَّ سِ.
فاَعتَْذرَ الأَبُ مِنْ ابنِْهِ وَمِنَ الشَّعْبِ وتَنَاَزَلَ عَنِ الملُْكِ لابنِْهِ الشَّابِ
الَّذِي حَكَمَ بیَْنَ الناَّ س،ِ وَكاَنَ الناَّ س سعَُداَءُ بِحُكْمِهِ العَادِلِ وَعَا شَ
بیَنَْھُمْ دوُنَ أَنْ يُشْعرَِھُمْ بأِنََّهُ ملَِكٌ علَیَْھِمْ...
ورَاَحتْ ريِمْ تَروِْي لِصَديِقاَتِھاَ وَمُدرَِّسَتِھا كثَیِراً مِنَ القِصَ صِ
واَلأَحْلاَمِ..
وكَاَنَ جَمیِعُ مَنْ فِي الفَصْلِ مُسْتغَرْبِاَتٍ منُْد ھَِشَات .ٍ. لَكِنَّھُنَّ كُنَّ
سعَیِداتٍ بِماَ ترَويهِ لَھُنَّ مِنْ حِكاَياَتٍ راَئِعاتٍ يوماً بعْدَ يوَْمٍ...
وفَِي أَحَدِ الأيََّام،ِ جلَسَتْ ريِمْ فُي غرُفْتَِھَا بَیْنَ تِلاَلِ القِصَ صِ
الجَمیِلَة،ِ وفَیِْمَا كاَنَتْ تُقلَِّبُ بیَنَْھَا وقََعَ بَصَرُھ ا علََى كتَِابٍ كبَیِرٍ
ضَخْمٍ لَمْ تلَْحَظْ وُجوُدَهُ مِنْ قبَْلُ..
قاَلَتْ:ياه..ماَ ھَذاَ الكتِاَبُ الكبَیِرُ..لَمْ أرَهُ قبَْلَ الآنْ..
أزَاَلَتِ الكتُبَ الصَغیِرَةَ مِنْ فوَقِْه .ِ.حَملَتِ الكتَِاب .َ.كَانَ ثَقِیلاً جِدا .ً.
أَعاَدتَْهُ إلَِى الأ رَْ ضِ.. تأَملَّتْ غِلافَهُ السَّمیِْكُ الثَّقیِل .ُ.قَرأَتِ العنُْواَنَ
التاَّلِي بِصوَْتٍ مرُتَْفِع :ٍ ( فرَاَشَةُ الغاَبَةِ الغرَيِبة )ِثُمَّ قاَلَت :ْتبَْدوُ قِصَّةً
راَئِعَةً.. ياَ لَهُ مِنْ كتِاَبٍ..
شعَرَتْ ريِمْ برَِغبَْةٍ شَديِدةٍ فِي قرِاءَةِ القِصَّةِ..
لَكِنَّ القِصَّةَ طويلةٌ طويلة .ٌ.وتَحتْاَجُ إلى ساعاتٍ وساعاتٍ لِقرِاَءتَِھَا ..
وموَْعِدُ نوَْمِھا اقُتْرَبَ..
نَظرَتْ ريِمْ إلَِى الساَّعَةِ.. الوقَْتُ تأَخرَّ..
قالتْ:لا بأ س .َ. سأقَرْأَُ صَفَحاَتٍ قلَیِلةٍ ثُمَّ أكُْملُِھا غدا .ً.ومَنْ ي دري
ربَُّما عنِْدَما أنامُ أَحلُْمُ باِلْفرَاَشاَتِ والزُّھوُرِ..
وصارتْ ريِمْ تَضْحَكُ وتَضْحَكُ...
أَمْسَكَتْ ريِمْ الغِلافَ الثقیلَ وبَدأَتْ ترَفَْعُهُ بِصعُوبَة .ٍ. أَحَسَّستْ بتِیََّارٍ
ھوَاَئِيٍّ شَديِدٍ يَمتَْصُّھا إلى داَخِلِ الكتِاَبِ..
وقَبَْلَ أَنْ تُفَكِّرَ باِلمُقاَوَمَةِ اختَْفَتْ ريِمْ داَخِلَ الكتَِابِ الضَّخْم .ِ..
وَھَدأَتِ الغرُفَْةُ تماماً...
لَمْ تُدرِْكْ ريِمْ ماَ حَدَثَ..
كاَنَتْ المُفاَجأَةُ صَدْمَةً..لَمْ تَكُنْ تتَوَقََّعُ ذلَِكَ أبَداً..
فتَحَتْ عیَنْیَْھا علَى ضوَءٍْ قوَِيٍّ قوَِيٍّ..نَظرَتْ حوَلَْھا .. تأَملَّتِ المَكَان،َ
وَجَدَتْ نَفْسَھا فِي بُستْاَنٍ مِنَ الورُوُدِ الجَمیِلَة .ِ.واَلنبَّاَتَاتِ الراَّئعَِةِ
مِنْ ألَوْاَنٍ وأَحْجاَمٍ مُختْلَِفَةٍ..
لاحَظَتْ ريِمْ أَنَّ ھَذاَ البُسْتاَنَ التَِّي ھِيَ فیِهِ الآنَ ھُوَ ن فَْسُهُ
البُستْاَنُ الموَجوُدُ علَى صَفْحَةِ الغِلاَفِ..
فیِْماَ بَدَتِ الغاَبَةُ العَجیِبةُ الغرَيِبَةُ مُلاصِقَةٌ للِبُْستانِ..
قاَلتْ:ريِمْ:ماَ ھَذاَ الَّذِي يَحْدُثُ..غیَرُْ مَعْقوُْلٍ..
نَظرَتْ ريِمْ حوَلَْھا مِنْ جَديِدٍ وتَساَءلَت :ْترَُى أيَ نَْ الفرَاَشَةُ؟؟ لا أراھا
الآنَ!
ثُمَّ قالت :ْياَ للِعَْجَب .ِ.ھَلْ يعُْقَلُ أنَنَِّي الآنَ فِي قلَْبِ الكتِاَب .ِ.لیَتْنَِي
أَستَْطیِْعُ قرِاَءةَ القِصَّةِ لأَِعرِْفَ ماَذاَ سیَحْدُثُ لِيَ الآنَ..
نَظَرَتْ ريِمْ تَحتَْھا ..وَجَدَتْ نَفْسَھا فَوْقَ شَي ءٍْ نَاعِمٍ..راَئِحتَُهُ
طیَبَِّةٌ...
ترُى ماَ ھذا الشيء؟ُ؟
أرَاَدَتِ القیِاَمَ لَكنَِّھاَ لَمْ تَستَْطِع .ْ. اعتَْقَدَتْ أنَّھا ربَُّما تَكُونُ مُكبَلََّة .ً.
لَكنَِّھا أَحَسَّتْ بِخِفَّةٍ شَديِدة .ٍ.وبََدأَ المَكَانُ الَّذِي وقَعَتْ فیِهِ يَھتَْزُّ
ويَتَرَاَقَ صُ..
خاَفَتْ ريِمْ.. أَصاَبَھاَ رُعْبٌ شَديِدٌ..
أرَاَدَتْ تَحرْيِكَ يَديَْھاَ واَلتَّمَسُّكَ بِطَرَفِ شَيءٍْ ما لتَِتَمَكَّنَ مِنَ
النُّھوُ ضِ.. لَكنَِّھا لَمْ تَسْتَطِع .ْ.نَظَرَتْ إلى يَديَْھا ..كاَنَتِ المُفاَجَأةَُ
الكبُرْى.. لَقَدْ تَحوَلَّتْ ريِمْ نَفْسُھا إلَِى فرَاَشَةِ الغاَبَةِ الجَمیِلةِ..
اكتَْشَفَتْ ريِمْ أنَّھا أَصبَْحَتْ تُشبِْهُ تَماماً الفرَاَشَةَ التَِّي علَى غِلافِ
الكتِاَبِ..
لَمْ تَستَْطِعْ ضبَْطَ نَفْسِھا..
خاَفَتْ..صاَرَتْ تبَْكِي..
سَقَطَتْ دُموُعُھا على المَكَانِ الَّذِي كاَ نَتْ تَسْتلَْقِي فوَقَْهُ
فاَكتَْشَفَتْ أنَّهُ لَیْ سَ سِوى ورَدَْةٌ كبَیِرةٌ جَمیِلة .ٌ. اھتَْزَّتِ الورَْدةَُ
عنِْدَماَ سَقَطَتْ دُموُعُ ريِمْ علَیَْھاَ وقَاَلَت :ْلِماَذاَ تبَْكِي يَا ريِم؟ْ .لَقَدْ
سَقَطَتْ دُموُعُكِ الداَّفئَِةِ علَى وَجْھِي..
حَضنَتَْھاَ الورَدَْةُ برِفِْقٍ..
مَسَحَتْ دُموُعِھاَ بأِوَرْاَقِھاَ الملُوَنَّةِ..
قاَلَتْ بِصوَْتٍ جَمیِْلٍ يَفوُحُ منِْهُ العِطْر :ُلاَ تَحزْنَِي يَا حبَیِبتَِي .نَحْنُ
نتَرَقََّبُ وُصوُلَكِ منُْذُ زَمَنٍ بَعیِدٍ بعَیِد .ٍ.صبَرْنُاَ كاَدَ ينَْفَدُ..فَقِصتَّنُاَ تَحتَْاجُ
لأَحْلامِكِ لتِبَْدأَ وتَكتَْمِلْ..
تَفاَجأَتْ ريِمْ باِلفرَاَشَة .ِ.وبدا لھا أنَّ سیَْلَ المُفاَجآَتِ سَیتَوَاَلَى ولََنْ
يتَوَقََّفَ..
قاَلَتْ بِخوَْف :ٍيَكفي.. يكفي.. أنَاَ ناَئِمةٌ؟ ألَیَْ سَ كَذلَِكَ؟ أرُيِدُ العَوْدةَ
إلَِى البیَْت .ِ. أرُيِدُ أَنْ أَعوُدَ فتَاَةً صغَیِرةً كَمَا كنُْت .ُ..لاَ أرُيِدُ أَنْ أَكُونَ
فرَاَشَةً...
حرََّكَتْ وردةٌ كبَیِرةٌ لَمْ تلَْحَظْھاَ ريِمُ مِنْ قبَْلُ عنُقَھا الطوَّيِل .ُ.كاَنَتْ
تَسْمَعُ ھذا الحوِاَرَ وقاَلتْ بِصوَْتٍ ساَحرٍِ أَجْمَلُ مِنْ صَوْتِ الع نَْدلَیِب :ِ
أتَدرْيِْنَ أيَتَُّھاَ الفرَاَشَةُ الجَمیِلة،ُ أنَّ مَصیِرَ ھَذِهِ الورُودِ متُوَقَِّفٌ كلَُّھا
وتَلِْكَ الغاَبَةِ بأَِسرِْھاَ علَیَْك .ِ.فأَنَْتِ جئِْتِ لتِنُْقِذيِنْاَ جَمیِعاً مِنْ خَطَرٍ
أَكیِْدٍ..جئِْتِ لتِنُْقِذيِنْاَ مِمَّا نَحْنُ فیِه مِنْ جُمُودٍ وَخُمُولٍ وكَسَل .ٍ.
أَشیْاَءٌ تُشبِْهُ المَوْت .َ.فَھَذِهِ النَّسْمَةُ العِطرْيَِّةُ اللَّطیِْفَةُ التَِّي مَرَّتْ
منُْذُ قلَیِلٍ جَعلَتْ جَمیِْعَ الأزَْھاَرِ تتَرَاَقَ صُ طرَبَا .ًلَمْ تَأْتِ إِلاَّ مِنْ أَجلِْكِ
فرَحاً بِكِ وتَرَْحیِبْا بِقُدوُمِك .ِ.فنَحْنُ منُْذُ سِنیِنَ ننَتَْظِرُ أَنْ تَأتِْيَ إلِیَنَْا
وتَنُْقِذيِنْا.. ننَتَْظرُِ فرَاَشَةً كَماَ أَخبْرَنَاَ حُكَماَءُ غاَبتَنِاَ ..قاَلوُا بأَِنَّ يوماً مَا
ستَأَتِْي فرَاَشَةٌ راَئِعَةٌ وتنُْقِذنُاَ مِنْ جُموُدنِا وتَحَجرُّنِا ..ونَحْنُ كِدنْاَ
ننَْسَى ھذا الكلامَ ونَظُنُّ أنََّهُ لَنْ يتَحَقَّقَ لَوْلا قُدوُمَكِ الآنَ أيَتَُّھا
الفرَاَشَةُ..فَلاَ تتَرُْكیِناَ فَھَذهِ مَسؤْوُلیِتَّكِ..
فِي ھَذِهِ اللَّحظَة .ِ. اھتْزََّتِ الفرَاَشَةُ بِقوُةٍَّ بعَْدَماَ صَفَّقَتِ الوردةُ التَِّي
تَحْملُِھا بأِوَرْاَقِھَا ..لِتعُلِْنَ لِجَمیِْعِ الورودِ إِشَارةَ الاسْتیِْقاظِ مِنَ
السبُّاَتِ واَلعوَدَْةَ للِْحیَاَة .ِ. العوَْدةَُ لِلأرَْ ض .ِ. للِْحُبِّ..للِْوَطَنِ.. للِْعَطَاء .ِ.
كاَنَتِ الورُوُدُ كلُُّھا غاَرقَِةً بنِوَْمٍ عَمیِْق .ٍ.واَلطبَّیِعةُ غ اَئبَِةً فِي سُباَتٍ
طوَيِلٍ.. تتَرَقََّبُ وُصوُلَ الفرَاَشَةِ لتِوُقِظَھاَ وتُحیَیِّْھاَ مِنْ جَديِدْ..
علَى الفوَرِْ ابتَْھَجَتِ الطبَّیِعَْةُ وَسَمعَِتْ ريِمْ أَصْواَتَ الطیُُّورِ تغُنَِّي ..
واَلمیِاَهُ تتَساَبَقُ فِي النَّھرِْ وتَتَدفََّقُ مِنَ الجَ دوْلِ..واَلضَّفاَدِعُ تنَِق .ُّ.
واَلنَّساَئِمُ تَمْلأُ المَكاَنَ سِحرْاً وروَْعَةً..
عاَدَتْ زقَزْقَةُ البَلابَِلِ تُسْمَعُ فِي كُلِّ مَكاَن .ٍ.وَغنََّت كَماَ لَمْ تُغَنِّ مِنْ
قبَْلُ..
رأَتْ ريِمْ كُلَّ مَشَاھِدِ الطبَّیِعَةِ السَّاحرَِة .ِ.وَسَمِعَتْ ألَْحاَناً لَمْ
تَسْمَعْھاَ مِنْ قبَْلُ..
لَمْ تُصَدِّقْ عیَنْیَْھاَ ولَمْ تَقتْنَِعْ بِماَ رأَتْ وَسَمِعَتْ ووَعَتْ...
رفَعََتْ ريِمُ الفرَاَشَةُ رأَْسَھا .. نَفَضَتْ جنَاَحیَْھَا ..كاَنَا جَمیِلَیْنِ
بَديِعْیَْن، تأَملَّتْ منَْظرَھا البَھِيَّ الر اَّئِعَ لأِوََّلِ مَرةَّ .ٍ. لَمْ تُدرِْكْ مَا سِرُّ
ھذهِ الفرَاَشَةِ التَِّي تأَتِْيْ فَجأَةًْ لتُِحیِْيْ الطبَّیِْعَةَ البَديِْعَةَ بعَْدَ زَمَنِ
سبُاَتٍ طوَيِل..
أدَرَْكَ طاَئرُِ البَجَعِ العَجوُزِ ماَ يَدوُرُ فِي رأَْ سِ ريِمْ...
اقتَْرَبَ منِْھَا وقََال لَھَا بِصَوتِْهِ الرَّخیِْمِ العَريِْ ض :ِأيَتَُّھا الفراشةُ
الجَمیِلةُ..قِصَّتنُا كلُُّھا تَدوُرُ حَوْلَ فرَاَشَةٍ..ونَحْنُ أَشْیاَءٌ نُجَمِّلُ
القِصَّةَ ولَسنْاَ أبَْطالاً لھا .. الكتِاَبُ الَّذِي دَخلََتْ إلِیَْهِ رَسَمَهُ رسَّامٌ
فنَّانٌ سَاحرِ،ٌ مَاتَ قبَْلَ أَنْ يُكْمِلَ القِصَّةَ كلَُّھا ويرَْسُمَ الفرَاَشَةَ
البَطلَةَ..رَسَمَ كُلَّ الصوُّرَ .ِ.وتَخیََّلَ شَكْلَ الفراشَةِ على الغِلاف .ِ.
تَخیَلَّھا مثِلَْكِ أنَْتِ تماما .ً.لَكنَِّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَسْمِھا فِي داَخِلِ
الكتِاَبِ...وقَدْ قاَلَ حُكَماَؤنا منُْذُ زَمَنٍ طوَيِلٍ أَنَّ يوَْماً سَیأَتِْيْ وتََدْخُل
فِي الكتِاَبِ فرَاَشةٌ جَمیِلةٌ اسْمُھاَ ريِمْ تُحیِْيْ قِصَّتنَا وتعُیِْدنَا إلى
عالمِ الحیاةِ لیَِقرْأَھا أَطْفاَلُ العاَلَمِ...
فرَِحَتْ ريِمُ الفرَاَشةُ لاختْیِاَرِھا بَطلََةً لِقِصَّتِھِم .ْ.فبَعْدَ أَنْ كاَنَتْ لاَ
تَحلُْمُ..وَلاَ تَعْرِفُ معنى الأحلامِ..صَارَتْ حلُماً لآخَريِْنَ..وبَطلََةٌ
حَقیِقیَِّةٌ لِقِصَّةٍ جَمیِلةٍ يَحلُْمُ بھا أطفالُ العاَلَمِ...
وقَفَتْ ريِمْ تتَأَمَّلُ بُستْاَنَ الزُّھوُر،ِ وَصاَرَتْ تتَنَقَّ لُ ببَِصَرِھاَ مِنْ مَكَانٍ
إلَِى آخرٍ..
شَاھَدَتِ الأزَْھَارَ تتَماَيَلُ واَلأَشْجاَرَ تَھتَْزُّ مِنَ الطَّرَب .ِ.واَلغُصُونَ
تتَشاَبَكُ كأَنََّھا تتَصاَفَح،ُ يُھنَِّىءُ بَعْضُھاَ بَعضاً..
والآنَ مَاذاَ علََيَّ أَنْ » : تَطلَعَّتْ ريِمْ إلَِى البَجْعَةِ الحَكیِمَةِ وَسَألَتَْھا
.«؟.. أفَعَْلَ
عیِْشِيْ حیَاَتَكِ بِشَكْلٍ طبَیِْعِي .ٍّ.وكَُلُّ أبَنْاَءُ الطبَّیِعَةِ » :ُ قاَلَتِ البَجْعَة
.«... سیَكوُنُونَ بِخِدْمتَِكِ
ھنُاَ بَدأَتْ ريِمْ تَشْعرُ باِلجوُْع .ِ.فَدَعتَْھاَ الزُّھُورُ لتِنََاوُلِ وَجبَْةٍ شَ ھیَِّةٍ
صِحیَّةٍ طبَیِعیةٍ مِنْ رَحیِْقِھا البَديِْعِ..وَصاَرَتِ الزُّھوُرُ تَقوُلُ:
تعَاَلِيْ إلَِيَّ ياَ ريِمْ..ھنُاَ طَعْمُ اللیَّْموُنِ.
قاَلَتْ أُخرْى:لا.. تَعاَلِيْ إلَِيَّ أنَاَ.. لَدَيَّ طَعْمٌ لیَْ سَ لَهُ مثَیِْلٌ...
وَصاَرَتْ كُلُّ زَھرَْةٍ ت عَرُْ ضُ طَعْمَھَا اللَّذيِْذَ على ريِمْ
تَطْمَعُ أَنْ تَكُونَ
أوََّلُ مَنْ تأَْكُلَ منِْھاَ فِي الغاَبَةِ الجَمیِلَْةِ..
وَصاَرَتِ الزُّھوُرُ تتَماَيَلُ وتَتَحرََّكُ وتَتَنَاَفَ سُ فیِْماَ بیَنَْھاَ لتَِحْظَى بِشَرَفِ
مُلاَمَسَةِ الفرَاَشَةِ ريِمْ..
استَْغرْبَتْ ريِمْ فِي البَدءِْ:
كیَْفَ يُمْكِنُ لِي أنْ آكلَ رَحیِْقَ الأزَْھاَرِ..
قَالوُا لَھَا : الآنَ أنَْتِ فرَاَشَةٌ ولَسْتِ إنِْسَانا .ً. تَعَاليْ اقتْرَبِِيْ لاَ
تَخاَفِيْ..
اقتْرَبَتْ ريِمْ مِنْ رأَْ سِ ورَدةٍ قرُبَْھاَ جرَبَّتْ طعَْمَھاَ.كاَنَ لَذيِذاً جداً..
قالتْ:ماَ أَطیَْبَ طعَْمَكِ أيَتَُّھا الوردةُ الطیَّبَِّةُ..
ورَاَحَتْ ريِمْ تتَنَقَّلُ مِنْ ورَدَْةٍ إلَِى ورَدَْةٍ تأَْكُلُ مِنْ كُلِّ ورَدَْةٍ قلَِیلاً
وتَمتَْ صُّ رَحیِْقَھا الجَمیِْلَ..
لَكِنَّ ريِمْ توَقََّفَتْ عَنْ أَكْلِ الرَّحیِْقِ و وَقَفَتْ مُسْتَغرْبَِةً منُْدَھِشَةً
بِحاَلَةِ صَدْمَةٍ...
وقَاَلتْ:غرَيِْبٌ حَقا .. أنََا لَسْتُ فرَاَشَةً حَقیِقیَِّةً وآَكلُ رَحیِْقَ
الأزَْھاَرِ..!!!
ياَللعجبْ.. شَيءٌْ غیَرُْ مَعْقوُلْ..لاَ يُصَدَّقْ.
قاَلَتِ البجعةُ الحَكیِمة :ُأنتِ الآنَ فرَاَشة ولستِ إنِسانا،ً وطعامُكِ
طعامُ فراشاتٍ.
لكنَّ ريمْ لَمْ تقبلْ ھذهِ الفكرةَ...
وصاحتْ:أرُيِدُ لبَنَاً.. أريدُ خبُزْاً وقِطعَْةَ بَسْكوَيِْتٍ..
ضَحِكَتِ الأزَْھاَرُ..
قالتْ زَھرَْةٌ:ماذا..ماذا؟
بَ سْ.. بَ سْ.. بَ سْ..كَ...كَ..ويییییْت..مَا ھَذِهِ الكلَ مَِةُ
الغرَيِبَْةُ... ؟؟؟
ضَحِكَتِ البَجعَْةُ الحَكیِْمَةُ وقَاَلَت :ْإنَّھا نوَْعٌ مِنَ الحلَوْى يُحبُِّھا أَطْفَالُ
البَشرَ..
قالتْ ورَدةٌ كانتْ صامتةً وتراقبُ ما يحدث :ُلكنكِ لمْ تعودي طِفلَْةً
أيتَُّھا الفراشَةُ الجَمیِلة .ُ.ھیاَّ تعالِيْ إلي .َّ. أنا أقد مُِّ إلیكِ رَحیِْقِيْ
كلَُّهُ ولَیِْمَةً لَك .ِ.فَمنُْذُ أَنْ رَسَمنَِيْ الفنَّانُ لَمْ أَحْظَ بِھَذا الشَّرَفِ
العَظیِمِ..ھیَاّ أرَْجوُكِ..
رفَضَتْ ريِمُ الفراشةُ كُلَّ ھذا الكلامِ..ونَفَضَتْ جنَاَحیَْھاَ..
حَملَھا الريِّْحُ برِفِْقٍ حتََّى بلَغَتِ الغابَةَ القرَيِبَْةَ...
ما أَنْ وَصلَتْ ريِمْ إلى الغاَبَة .ِ.وَكاَنَتْ أَشْجاَرُھا قَدْ عرَفَِتْ بِقُدوُمِ
الفرَاَشَةِ..صاَرَتْ تُصَفِّقُ بِكُلِّ قوُةٍَّ ترَْحیِباًْ بِقُدوُمِھا..
وَمِنْ شِدةَِّ التَّصفیقِ خاَفَتِ الفرَاَشَةُ وَكاَدَتْ تَسْقُطُ علَى العُشْب .ِ.
فبَسَطَتْ شَجرَةٌ قرَيِبةٌ منِْھَا غُصْناً لیَنِّاً مِنْ أَغْصَانِھا واَلتَْقَطتَْھا
بأِوَرْاَقِھا الخَضرَاءِ النديَّةِ..
وقالتِ الشَّجرَةُ:
مرَْحبَاً بِكِ ياَ أَجْمَلَ فرَاَشاَتِ الدنُّیْا .. نَحْنُ ننَتَْظرُِكِ منُْذُ زَمَنٍ بَعیِْد .ٍ.لاَ
يلَیِْقُ بنَِا أَنْ نتَرُْكَكِ تَقعَِیْنَ علَى أرَْ ضِ الغاَبَة .ِ. نَحْنُ ھنَُا كلُنَُّا
بِخِدْمتَِكِ أيَتَُّھا الجَمیِلةُ اللَّطیِفَة .ُ.كَمْ اشْتَقنْاَ إلى وُصُولِك .ِ.كَادَ
الیأَْ سُ يُصیِبْنُاَ باِلموَْتِ..نَحْمَدُ اللَّهَ علَى وُصوُلِكِ باِلسَّلامَةِ..
قاَلَتِ الفرَاَشَةُ مندھشةً أكثرَ وأكثر :َيا لغِرَاَبَةِ مَا يَحْدُث .ُ. يَا لِھَذا
العاَلَمِ الغرَيِْبِ..كُلُّ شَيءٍْ يتَكلََّمُ ويَتَحرََّكُ...
تَحرََّكَتْ أَغْصاَنُ شَجرَةٍَ كبَیِرةٍَ مُسنَِّةٍ..
قاَلَتْ بِصوَْتٍ خاَفِتٍ:
نعَمْ ياَ صغَیِرْتَِي .ْ.صَد قِّيْ.. انُْظُرِيْ إلى عُمْرِيَ الطوَّيل .َ.ورَاَقبِِيْ
أَغْصاَنِيَ التَِّي شَاخَت .ْ.وأَوَرْاَقِيَ التَِّي جَفَّت .ْ.وتََأَملَِّيْ جَذْعِيَ
الضَّخْمَ وَجُذوُرِيَ التَِّي نبَتََتْ إلى سَطْحِ الأرَْ ض .ِ.ھَلْ سَأَكَذِبُ
علَیَْكِ وأَنَاَ فِي ھَذهِ السِّن؟ِّ ؟ تَعاَلِيْ ياَ حلُوْتَِي،ْ تَعاَلِيْ لأَِحْضنَُكِ بَیْنَ
ضلُوُعِيْ الطرَّيَِّةِ..
خاَفَتِ الفرَاَشَةُ علََى ملَْمَسِھا النَّاعِمِ أَنْ يتَجَرَّحَ بَیْنَ أَغْصَانِ
الشَّجرَةَِ..
ترَاَجعَتْ إلى الخلَْفِ..
كاَنَ جوُْعُھا يَشتَْدُّ وبَطنُْھا تؤُلِْمُھا مِنَ الألَمِ.
صاَحَتْ:يَكْفِيْ.. يَكْفِيْ.. أرُيِدُ طعاماً.. أنَاَ جاَئعَِةٌ جاَئِعَةٌ..جاَئِعَةٌ..
ناَدتَْھاَ أَشْجاَرُ الموَزِْ واَلخوَْخِ واَللوَّزِْ...
تعَاَلِيْ إلیَنْاَ وَذوُقِيْ طعَْمنَاَ اللَّذيِْذَ الشَّھِيَّ... تَعاَلِيْ لاَ تَخاَفِيْ..
نَظرَتِ الفرَاَشَةُ نَحوَْ ثِمَارِ الأَشْجاَرِ التَِّي تتََدلََّى كَأرَوَْعِ مَا تَكُون .ُ.
رَغبَِتْ فِعْلاً باِلإقِتْرِاَبِ منِْھاَ ..فَقَدْ كاَنَتْ شَديِدةُ الجوُْع .ِ.ولَمَّا ھَمَّتْ
باِلإقتْرِاَبِ منِْھاَ اعتْرَ ضَ طرَيِْقَھا طیَرٌْ صَغیِرٌْ سرَيِعُ الطیََّر اَنِ..قَالَ لَھَا
بلَِھْفَةٍ:لاَ تُصَدقِّيْ لاَ تَقتْرَبِيْ منِْھاَ ..ثِماَرُھا ساَمَّة .ٌ. سَتَقتْلُكِ أيَتَُّھا
الجَمیِلةُ..ھَذِهِ الأَشْجاَرُ سَامَّة .ٌ. ترُيِدُ قتَلَْكِ واَلتَّخلَُّ صَ منِْكِ لأنََّھَا
تُحِبُّ النَّوْمَ..وتَرُيِْدُ أَنْ تَظَلَّ كُلُّ الطبَّیِعَةِ ناَئِمةً سَاكنَِةً خاَملِةً
مثِلَْھا..ھِيَ لاَ تُحِبُّ الحیَاَةَ.. ابتَْعِدِيْ عنَْھاَ... ابتَْعِدِيْ..
تعَجبََّتْ ريِمْ مِنْ ھذا الطَّائرِ الجَمیلِ كیَْفَ يَتَكلََّم .ُ.قاَلَتْ:لِمَاذاَ
تَقتْلُنُِيْ..ولَِماَذاَ لاَ تُحِبُّ أَنْ تَستْیَْقِظَ الطبَّیِعَةُ.. ؟!
قَالَ العُصْفوُرُ:لأنََّھَا لاَ تُحِبُّ الحیََاةَ..وَلاَ النَّشَاطَ..كُلُّ الأَشْجاَرِ
كاَنَتْ سعَیِْدةًَ بوُِصوُلِْكِ إِلاَّ تلِْكَ الأَشْجاَرُ الثَّلاَثُ..
لَمْ تَقتْنَِعْ ريِم .ْ.ناَدتَْھا شَجرَةُ الموَزْ :ِتعالِيْ ياَ حلُوْ تَِيْ..ھَذاَ العُصْفوُرُ
يرُيِدُ أَنْ يَظَلَّ يأَْكُلَ ثِماَرِيْ لوَِحْدِه .ِ.ويَرُيِدُ أَنْ يبُْقیِْھَا للِْطیُُّورِ أَمثْاَلِه .ِ.
تعَاَلِيْ لاَ تَخاَفِيْ..
كاَنَتْ ريِمْ جاَئِعَةٌ جِدا..
وَھَذِهِ الأَشْجاَرُ ھِيَ الأَشْجاَرُ الوَحیِدَةُ القرَيِبَةُ منِ ھَْا وَھِيَ ترُيِدُ أَنْ
تأَْكُلَ بِسرُْعَةٍ..
أرَاَدَتِ الإقِتِْراَبَ مِنْ شَجرَةَِ المَوزِْ وتَنََاوُلِ مَوزَْةٍ واَحِدَةٍ تَسُدُّ بِھَا
جوُْعَھا..
حاولتِ الإقترابَ منِْھاَ فَھبََّتْ ريِحٌ قوَيِةٌ حاَلَتْ بیَنَْھا وبَیَْنَ الشَّجرَةَِ..
قالتْ لھا الريِّ حُْ: سأَحْملُِكِ إلَِى مَكاَنٍ جَمیِلٍ ملَِيءٍ باِلعَْسَلِ الطیَِّّبِ
الشَّھِيِّ..واَلثِّمَارِ الیاَنعَِةِ الراَّئِعَةِ الحلُْوةَِ الشَّھیَِّةِ..فَنَحْنُ أَحبَِّاءُ
الطبَّیِْعَةِ نرُيِْدُكِ وَسنَحْمیِْكِ مِنَ الخَطرَِ..
فَجأَْةً وقَبَْلَ أَنْ تَفرَْحَ ر يِمُ الفرَاَشَةُ بِمَا حَدَث .َ.وَجَدَتْ نَفْسَھا فِي
ناَحیَِةٍ أُخرَْى مِنَ الغاَبَة،ِ قرُْبَ واَحَةٍ جَمیِلةٍ يُحیِْطُ بِھاَ النَّخیِْلُ مِنْ كُلِّ
جاَنَبٍ..والأَشجارُ منُتَْشرَِةٌ علَى ضِفاَفِھاَ..
وقرُْبَ الماَءِ ورَدَْةٌ كبَیِرةٌ مثِْلَ كَأْ سٍ ضَخْم ملَِيءٍ باِلعَسَلِ الذَّھبَِيِّ
البرَاَّقِ..
اقتربتْ ريِمْ بِسرُْعَةٍ ناَحیِةَ العَسَلِ ترُيِدُ تنَاَولَُهُ بِسرُْعَةٍ..
فجأةً خرجتْ سمكةٌ مِنَ الماَءِ وَصاَحَتْ بھا :انتْبَِھِيْ انتْبَِھِي .ْ.ھنُاَكَ
أفَعَْى خَطِرَةٌ دَخلََتْ منُْذُ لَحَظَاتٍ فِي العَسَ لِ..لاَ تَقتْرَبِِيْ منِْھَا
ستَقتْلُكِ..
ترَاَجعَتْ ريِمُ الفراَشَة .ُ.قبَْلَ لَحْظَةٍ واَحِدةٍَ مِنْ ظُھُورِ رأَْ سِ الأفَعَْى
الشرِّيِّرَْةِ..
كاَدَتْ تَفتِْكُ بِھاَ لأنََّھاَ تُحِبُّ الحیَاَةَ..
فَاھتْزََّتِ البُحیَْرةَُ غاَضِبَةً واَنُْقَضَّتِ الطیُّورُ مِنْ كُلِّ جاَنِبٍ تَضْرِبُ
الأفَْعَى بِمنَاَقیِرِْھاَ..
ھرَبَتِ الأفَْعَى لَكنَِّھا قبَْلَ أَنْ تَھرُْبَ بثََّتْ سُمَّھا فِي العَسَلِ لِكَيْ
يَموُتَ مَنْ يأَكُْلَ منِْهُ..
ذُھلَِتْ ريِمْ مِنْ ھَذاَ المَشْھَدِ المرُْعِبِ..
كاَدَتْ تَموُتُ لوَْلاَ السَّمَكَةُ واَلطیُّوُرُ..
راَحَتْ ريِمْ تَشْكرُ السَّمَكَةَ واَلطیُّورَ علَى ماَ فَعلَوُهُ مِنْ أَجلِْھاَ..
لَكِنَّ ريِمْ ماَ زالتْ شَديِدةَ الجوعِ..
التَْفتَتْ فرَأَتْ شَجرَةَ جوَزِْ ھنِْدٍ ضَخْمَةٍ..
رأَتِ الشَّجرَةَ تنَْظُرُ إلِیَْھَا بلُِطْفٍ و حَنََان .ٍ.وتَُحَرِّكُ
أَغْصَانَھا تَدْعوُھا
إلیھا..لتِأَْكُلَ مِنْ ثِماَرِھا الشَّھیَِّةِ وتَرَتْوَِيَ مِنْ ماَئِھاَ الحلُوِْ اللَّذيِذِ..
صَمَّمَتْ ريِمْ ھَذِهِ المرَةَّ أَنَّ تَصِلَ إلَِى الشَّجرَةَِ مَھْماَ كاَنَتِ الأَخْطاَرُ..
صاَرَتِ الطیُّوُرُ تنُاَديِھا بِكُلِّ قوَُّةٍ..
الأَشْجاَرُ تَھتْزَُّ بعِنُْفٍ..
الريِّْحُ لَمْ تَستَْطِعْ منَْعَ ريِمْ..
میاهُ الواحةِ تَھتْزَُّ بِعنُْفٍ..
زُھوُرُ البُستْاَنِ صاَرَتْ تَصیِْحُ..
الجمیعُ:
توَقََّفِيْ. ابتَْعِدِيْ..
لَكِنَّ ريِمْ لَمْ تَعُدْ تَھتَْمُّ..
فَھِيَ إِنْ لَمْ تأَْكُلَ ستَموُتُ مِنَ الجوُْعِ...
كاَنَتْ ريِمْ فِي قِمَّةِ جوُْعِھا..
قاَلَتْ: سآَكُلُ مِنَ الشَّجرَةِ مَھْمَا كَانَ الخَطَر .ُ.ولََوْ كاَنَتْ سَامَّة .ً.
مِنَ الأفَْضَلِ لِيْ أَنْ أَموُتَ مِنَ السُّمِّ وأَنَاَ شبَْعاَنَةٌ خیَرٌْ مِنْ أَنْ أ مَُوتَ
مِنَ الجُوْعِ...
وَصلَتْ ريِمْ إلَِى الشَّجرَةَِ..
ضَحَكَتِ الشَّجرَةُ ضِحْكَةً ماَكرِةًَ..
قَدَّمَتْ لرِيِمْ أَكبْرَ ثِماَرِھا..
وَماَ أَنْ فتَحَتْ ريِمْ فَمَھا لتِأَكُْلَ حتََّى أَحَسَّتْ بِھَواَءٍ يَطیِْرُ بِھَا مِنْ
جَديِدٍ..
ولَمْ تَستَْطِعِ المُقاَوَمَةَ..
راَحَتْ تَسْقُطُ وتَسْقُطُ فِي واَدٍ عَمیِقٍ عَمیِقٍ...
ثُمَّ وقَعَتْ علَى أرَْ ضٍ طرَيَِّةٍ...
ناَمَتْ علَى الفوَرِْ مِنْ شِدَّةِ التَّعَبِ...
بَدأَ النوُّرُ يَدْخُلُ المَكاَنَ قلَیِلاً قلَیِلاً..
سَمِعَتْ ريِمْ أَصوْاتاً حوَلَْھا.
ريِمْ..ريِمْ.. استْیَْقِظِيْ..حاَنَ وقَْتُ ذَھاَبِكِ إلَِى المَدرَْسَةِ..
فتَحَتْ ريِمْ عیَنْیَْھاَ ..لَمْ تُصَدِّقْ أنََّھا لاَ تزَاَلُ علَى قیَْدِ الحیََاة .ِ.وأَنََّھا
عاَدَتْ لِغرُفْتَِھا..
وقَفَتْ علَى قَدَمیَْھا تتَأَمَّلُ جَسَدَھا كلَُّه .ُ.كاَنَتْ منُْدَھِشَةً مِنْ كُلِّ
ماَ حَدَثَ...
بَحثَتْ عَنِ الكتِاَبِ فوَجَدتَْهُ لا يزَاَلُ فِي مَكاَنِهِ..
تأَملَّتْ غِلافَهُ فرَأَتَْهُ كَماَ ھوَُ ولَكِنَّ الفرَاَشَةَ اختَْفَتْ..
لاَحَظَتْ أَنَّ الأَشْجاَرَ واَلزُّھوُرَ واَلطبَّیِعَةَ حزَيِنةً تنَْظرُ إلِیَْھاَ بأِلَمٍ..
قاَلَتْ ريِمْ لأُِمِّھاَ:إنِِّي جاَئِعَةٌ جاَئِعَةٌ... أَكاَدُ أَموُتُ مِنَ الجوُعِ..
ضَحِكَتِ الأُمُّ:ترُى بِماَذاَ كنُْتِ تَحلُْمیِْنَ اللیَّلَْةَ الماَضیَِةَ؟؟
نَظرَتْ ريِمْ إلَِى يَديَْھا..
قاَلَتْ: أَحلُْم؟ُ؟
بِماَذاَ أَحلُْمُ؟؟
أَحلُْمُ؟ لَمْ أَكُنْ أَحلُْمُ..
ريِمْ لَمْ تُخبْرِْ أُمَّھا بِقِصتَِّھا..
لَمْ تُخبْرِْھا بِقِصَّةِ الكتِاَبِ..
قِصَّةُ فرَاَشَةِ الغاَبَةِ...
لأِنََّھا باِلتأَّْكیِدِ لَنْ تُصَدقَِّھا ..وَستَقوُلُ لَھاَ بأِنََّھاَ صاَرَتْ تتَخیََّلُ أَشیْاَءَ لا وُجوُدَ لَھاَ..
لَكِنَّ ريِمْ ظلََّتْ تَحلُْمُ وتَحلُْمُ وتَحلُْم .ُ.دوُنَ أَنْ تَقتَْرِبَ مِنَ الكتَِابِ
السِّحرِْيِّ..فَقَدْ أَغلَْقتَْهُ بإِحْكَامٍ ووَضَعتَْهُ فِي صُنْدوُقٍ حَديِدِيٍّ
ودَفَنَتَْهُ فِي أَعْماَقِ حَديِقةِ المنَزِْلِ..

No comments:

Post a Comment